عقيدة ريال مدريد : النادي فوق الجميع

 


حين نتحدث عن كرة القدم بمنطق العقل بعيدا عن العاطفة يظهر ريال مدريد كنموذج فريد يميزه عن باقي الأندية الفارق الجوهري بينه وبين غيره هو أن النجم الأوحد في هذا النادي ليس لاعبا معينا ولا مدربا أو مسؤولا بل النادي نفسه.

هذه العقيدة الراسخة جعلت من ريال مدريد كيانا متماسكا لا يتأثر بالمتغيرات لأن القاعدة الأساسية التي تحكمه هي أن النادي فوق الجميع لا يوجد لاعب مهما كان حجمه أو إنجازاته يعتبر أكبر من الكيان ولا مدرب يمنح سلطة مطلقة فوق إرادة الإدارة ولا مسؤول يتصرف وكأنه المالك الوحيد للنادي ، في مدريد يدرك كل لاعب يرتدي القميص الأبيض أنه حصل على شرف عظيم وأن عليه أن يصونه بكل ما يملك لا مكان للاعتقاد بأن النادي مدين لأي لاعب بل العكس تماما اللاعب هو من يجب أن يشعر بالامتنان لفرصة تمثيل هذا الكيان العظيم.

لذلك نادرا ما نسمع عن صراعات داخل غرفة الملابس في ريال مدريد ولا عن تمرد اللاعبين أو تصادم المدربين مع الإدارة حتى اللاعبون الذين اشتهرو بشخصياتهم القوية ونزعتهم الفردية مثل كريستيانو رونالدو أدركوا تماما أنهم مجرد جزء من منظومة أكبر وأن لكل منهم تاريخ صلاحية داخل الفريق مهما حققو من إنجازات.

وهنا يكمن الفرق الكبير بين ريال مدريد وبين الأندية الأخرى. الأندية المنافسة غالبا ما تقدس الأسماء وتبقى أسيرة للماضي وتخشى اتخاذ القرارات الصعبة بشأن نجومها أما في ريال مدريد فلا مجال للعاطفة عندما يتعلق الأمر بمصلحة الفريق فالنادي لا يجد أي حرج في إبلاغ أي لاعب مهما كان حجمه أو تاريخه بأن دوره قد انتهى وأن عليه الرحيل دون أي مجاملة. لا توجد استثناءات،ولا عقود تجديد لمجرد المجاملة عندما يحين وقت الرحيل فإن القرار يتخذ بلا تردد.

المشجع المدريدي بدوره تعود على هذه القاعدة من رأى خروج راؤول غونزاليس وإيكر كاسياس ثم شاهد رحيل كريستيانو رونالدو، سيرجيو راموس، وكاسيميرو، توني كروس و...و... إلخ يعرف جيدا أن هذه سنة الحياة في ريال مدريد كل نجم مهما كان حجمه سيأتي يوم يودع فيه النادي لكن في المقابل تستمر عجلة الألقاب في الدوران ولا تتوقف مسيرة النجاح.

هذه العقلية لم تأت من فراغ بل هي نتاج عقود من العمل والانضباط. ريال مدريد لا يؤمن بالمجاملات بل يتخذ قراراته وفق رؤية استراتيجية واضحة حتى الأساطير مثل زين الدين زيدان الذي حقق المجد كلاعب ومدرب لم يمنح حصانة عندما قررت الإدارة أن الوقت قد حان للتغيير كما أن نجاح النادي في تعويض اللاعبين الراحلين بسرعة ودون تأثير سلبي على نتائجه هو ما يجعله مختلفا عن غيره.

المدريديستا يتقبلون هذه القاعدة رغم مرارتها لأنهم يدركون أنها السبب وراء استمرار النادي في القمة . ريال مدريد لا يعيش على الأمجاد الماضية بل يصنع أمجاده كل يوم. هذه الفلسفة هي التي جعلت منه النادي الأعظم في التاريخ وهي التي ستضمن له البقاء في القمة مهما تغيرت الأسماء.

لذلك كرة القدم لعبة عادلة ومن يحتج بالحظ أو التحكيم لتفسير نجاح ريال مدريد إنما هو شخص يرفض الاعتراف بالحقيقة. العظمة الحقيقية لهذا النادي تكمن في هذه الفلسفة بالذات؛ لا يوجد لاعب أكبر من الكيان حتى لو جلب جميع الألقاب الممكنة.

تعليقات