لطالما كانت الأندية الكلاسيكية في أوروبا رموزا لكرة القدم لكن في السنوات الأخيرة تعرضت هذه الفرق العريقة لانحدار حاد سواء بفعل سوء الإدارة أو الأزمات المالية أو حتى التدخلات السياسية التي أضعفت قدرتها على المنافسة . كرة القدم التي عشقها الملايين باتت اليوم في قبضة رؤوس الأموال وأصبحت أنديتها الكبرى ضحية للقرارات الخاطئة والضغوط الخارجية مما أدى إلى تراجع هيبتها وفقدانها بريقها.
إيطاليا: سقوط العملاق الثلاثي
كانت إيطاليا في الماضي جنة كرة القدم لكن أنديتها الكبرى تعاني على الساحة الأوروبية . يوفنتوس الذي كان ثابتا محليا تحطم بفعل الأزمات الإدارية في حين أن إنتر ميلان رغم استعادة جزء من مكانته لا يزال يعاني بسبب سياسة الترشيد المالي التي تنتهجها الإدارة الصينية أما ميلان فبعد أن بدأ رحلة العودة إلى القمة تلقى ضربة موجعة بإقالة باولو مالديني وهو قرار أعاد النادي إلى نقطة الصفر تحت إدارة أمريكية لا تبدو معنية بإحياء مجده.
إنجلترا: العمالقة في أزمة
في إنجلترا لم تسلم الأندية الكلاسيكية من التراجع . ليفربول يعاني من إدارة بخيلة لا تجري تعاقدات حقيقية إلا نادرا بينما مانشستر يونايتد يعيش في دوامة من الفوضى حيث باتت أساطيره ينقسمون ويتصارعون في العلن وتشيلسي الذي كان قوة لا يستهان بها تعرض للتدمير نتيجة العقوبات السياسية المفروضة على مالكه السابق في حين لا يزال أرسنال يبحث عن استعادة أمجاده المفقودة منذ أكثر من عقد.
إسبانيا: إرث مهدد
برشلونة الذي كان أحد أعظم الفرق في العالم وصل إلى حافة الانهيار بسبب سوء الإدارة الاقتصادية التي أدت إلى إفلاس شبه كامل مما أجبره على التفريط في أعظم لاعب في تاريخه بالمجان أما أتلتيكو مدريد ورغم محاولاته المتكررة تحت قيادة دييغو سيميوني فإنه لم يحقق الاختراق المطلوب ليصبح قوة أوروبية حقيقية.
ألمانيا وفرنسا: غروب العمالقة
حتى في ألمانيا حيث كان بايرن ميونيخ مرعبا للجميع نرى الفريق يمر بأزمة غير مسبوقة ويواجه احتمال إنهاء الموسم بدون أي لقب وهو أمر لم يكن يخطر ببال أحد قبل سنوات قليلة . أما بوروسيا دورتموند فبٱستثناء وصوله إلى نهائي دوري الأبطال هذا الموسم لم يكن له أي تأثير حقيقي في السنوات الماضية وفي فرنسا انتهى عهد مارسيليا وليون ليحل محله باريس سان جيرمان النادي الذي صرف المليارات دون أن يحقق المجد الأوروبي الذي يسعى إليه.
كرة القدم بين السياسة والأموال
إن تراجع هذه الأندية ليس مجرد مصادفة بل هو نتيجة لعوامل متعددة من سوء الإدارة إلى التدخلات السياسية. الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بات أكثر انحيازا لمصالح الأندية التي تلتزم بسياساته متجاهلا الفرق التي تمثل المبادئ الحقيقية للعبة وفي ظل هذا المشهد القاتم تحولت كرة القدم إلى صناعة تركز على الأموال أكثر من التقاليد والهوية.
ريال مدريد: آخر الرجال الواقفين
في خضم كل هذا الانهيار يبقى هناك ناد واحد صامد أمام هذه العواصف وهو ريال مدريد النادي الوحيد الذي لم يسقط بعد والذي لا يزال يحافظ على شخصيته المستقلة رغم كل الضغوط ليس من المستغرب إذن أن يواجه بمؤامرات مستمرة من تعطيل مشروع "السوبر ليغ" الذي حاول به فلورنتينو بيريز إنقاذ كرة القدم إلى تدخل الرئيس الفرنسي شخصيا لمنع انتقال أفضل موهبة في العالم إلى صفوفه حتى التعليقات الإعلامية باتت منحازة كما ظهر في مباراة نصف نهائي دوري الأبطال حيث بدا واضحا أن هناك رغبة في منح اللقب لأي فريق آخر بدلا من رؤية ريال مدريد يحقق لقبه الخامس عشر خاصة على أرض إنجليزية البلد الذي كان منبع الكثير من هذه التحديات.
إن عظمة كرة القدم الأوروبية كانت تعتمد دائما على الأندية الكلاسيكية لكن اليوم باتت هذه الفرق محاصرة بأزمات مالية وسياسات منحازة تهدد وجودها ورغم ذلك يبقى الأمل قائما في أن تستعيد هذه الأندية مجدها يوما ما ليعود ميلان الكبير ويعود مانشستر يونايتد إلى عرشه ويستعيد يوفنتوس هيبته ويعود برشلونة ليقدم كرة القدم الجميلة التي عشقها الملايين حتى يحدث ذلك يبقى ريال مدريد هو القلعة الأخيرة التي تصمد أمام العاصفة والمدافع الوحيد عن هوية اللعبة ضد المصالح التي تسعى إلى طمسها.