ريال مدريد ليس مجرد ناد يحقق الألقاب فقط بل هو منظومة تتجلى فيها معاني الثبات الذهني والانفعالي خاصة في أوقات الأزمات هذا الفريق يملك قدرة استثنائية على امتصاص الصدمات والتعامل مع الخسائر الثقيلة وكأنها مجرد عثرة صغيرة في طريق طويل من التحديات والإنجازات هذه العقلية ليست وليدة اللحظة بل هي جزء من ثقافة النادي المتوارثة عبر الأجيال وهي أحد أسرار نجاحه المستمر محليا وأوروبيا.
الهزيمة ليست النهاية
الهزيمة الساحقة التي تعرض لها ريال مدريد أمام برشلونة في كأس السوبر الإسباني بنتيجة 5-1 كانت كفيلة بتدمير الروح المعنوية لأي فريق آخر لكنها لم تفعل ذلك بالريال على العكس خرج الفريق سريعا من أجواء الصدمة واستعاد توازنه وهو ما ظهر جليا في مباراة سيلتا فيغو بكأس الملك حيث انتصر بنتيجة كبيرة ثم عاد ليحقق فوزا آخر في الليغا ليتصدر جدول الترتيب بفارق مريح عن برشلونة.
لو انعكست الأدوار وتلقى برشلونة خسارتين ثقيلتين من الريال بنفس الطريقة لربما رأينا أجواء مختلفة تماما في البيت الكتالوني من توتر في غرفة الملابس إلى انتقادات لاذعة في الإعلام وربما حتى قرارات إدارية متسرعة لكن في مدريد الأمور تسير وفق نهج واضح : لا إفراط في الفرحة عند الفوز ولا انهيار عند الخسارة.
عقلية الإنتصار الدائمة
ما يميز ريال مدريد عن معظم الفرق الكبرى هو قدرته على تجاوز لحظات الإحباط بسرعة مذهلة منذ بداية الألفية الجديدة تعرض النادي لهزائم قاسية في أكثر من مناسبة سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي لكنه في كل مرة يعود أكثر قوة دون أن يسمح لأي كبوة بأن تتحول إلى أزمة طويلة الأمد.
خلال العقدين الماضيين شهدنا برشلونة يحقق انتصارات كاسحة على ريال مدريد مثل السداسية والخماسية والرباعيات لكن هذه النتائج لم تؤثر على المسار العام للريال الذي واصل تحقيق البطولات وخاصة في دوري أبطال أوروبا حيث عزز رقمه القياسي بعدد الألقاب هذه المرونة الذهنية تجعله فريقا مختلفا قادرا على المنافسة تحت أي ظرف.
الإيمان بالذات وقوة الجماهير
لا يقتصر هذا الاستقرار النفسي على اللاعبين والجهاز الفني فقط بل يمتد إلى الجماهير أيضا ، جمهور ريال مدريد يدرك تمامجا أن فريقه قد يخسر اليوم لكنه سيعود غدا ليهديهم لقبا غاليا. هذا الوعي جعل ملعب سانتياغو بيرنابيو مكانا لا يعرف التوتر المفرط بل يتميز بدعم متواصل حتى بعد الخسائر القاسية.
بعد السقوط المدوي أمام برشلونة في كأس السوبر لم نر جمهور الريال يطلق صافرات الاستهجان ولم نشهد فوضى أو أعمال شغب بل رأينا فريقا يعود إلى المنافسة وكأن شيئا لم يحدث هذه الثقافة لا تتوفر في كل الأندية وهي جزء من سر نجاح ريال مدريد المستمر.
ريال مدريد ليس مجرد فريق كرة قدم بل هو مدرسة في كيفية التعامل مع الضغوط والانفعالات خسارة اليوم لا تعني شيئا طالما أن هناك مباراة غدا والهزيمة الساحقة لا تعني الانهيار بل هي مجرد حافز لمواصلة العمل وتحقيق المزيد من النجاح هذا هو الفارق بين ناد عادي وناد أسطوري وهذا هو السبب في أن ريال مدريد سيظل دائما في القمة.