غلاكتيكوس وريال مدريد: رحلة التسويق والنجاحات الرياضية في كرة القدم الحديثة


لكي يثبت ريال مدريد مكانه في العصر الحديث لكرة القدم ، كان في حاجة لأمرين اثنين ، الأول التسويق لشعار النادي بين الجماهير ، والثاني التسويق لشعار النادي بين اللاعبين ! 


الأمر الذي دفع بفلورنتينو بيريز لإطلاق ” غلاكتيكوس 1 “ ، بظم نجوم العالم آن ذاك للريال أصبحت مباريات ريال مدريد محل اهتمام العالم بأسره ، لم يكن مشروع غلاكتيكوس الأول رياضيا بدرجة أولى بل اقتصادي ، وتم انتقاد الريال وقتها لأنه ضخ أموالا مهولة في السوق لكن الواقع أنك لو تقارن أسعار ذلك الجيل من اللاعبين بما تصرفه الأندية اليوم فستجد أن مشروع غلاكتيكوس الأولى كان بأسعار عادية وبسيطة ، لكن العائدات هي التي كانت مهولة بالفعل ، 


في المقابل ، كانت الأندية الكبرى المنافسة للريال وقتها في صورة ميلان ، مانشيستر يونايتد إنتر ميلان وبرشلونة ، كانت تحقق نجاحات رياضية باهرة وتنافس على الألقاب محليا وأوروبيا ، ولذلك عرف عن ريال مدريد بأنه لم يحقق شيئا من مشروع الغلاكتيكوس ، وأنه كان رياضيا مشروعا فاشلا لعدم قدرة الريال على احراز الكثير من الألقاب مقارنة بالكم المهول من النجوم الذي كان هناك ، 


لكن الفكرة في رؤوس الجيل الصاعد من اللاعبين كانت تتنامى ، عن ذلك النادي الذي يلعب فيه اللاعبون المفضلون لدى اللاعبين الصاعدين ، « وهي الفكرة أنك اليوم تسمع بأن أي لاعب ممتاز يقول لك أن قدوته اللاعب الفلاني ، فإن هذا اللاعب الفلاني على الأغلب لعب لريال مدريد » 

كما أن الجماهير لم تتوقف عن مشاهدة مباريات الريال حتى وإن كانت في بعض الأحيان بلا جدوى ، لقد تحول الأمر لما يشبه الفيستيفال أو المباريات الإستعراضية ذات الأهداف الربحية ، من الذي يفوت مشاهدة بيكهام وزيدان والظاهرة رونالدو وفيغو وروبيرتو كارلوس وراوول غونزاليس في فريق واحد حتى لو كانوا يلعبون من أجل زجاجة عصير ؟ تخيل أن يتيح لك ناد ما أن تشاهد رونالدو وميسي يلعبون مع بعض في فريق واحد ، هل كنت ستهتم بما أحرزوه من ألقاب ساعتها ؟


وهكذا حقق الريال مراده من غلاكتيكوس الأولى ، الترويج للنادي عند الجماهير وعند الجيل الناشئ من اللاعبين خصوصا بعد إدراك إدارة بيريز أن العصر القديم لكرة القدم يشرف على نهاياته ، فكرة القدم بعد مونديال ألمانيا 2006 لم تعد أبدا نفسها كرة القدم التي كانت قبله .


يأتي العام 2009 ، يطلق فلورنتينو بيريز غلاكتيكوس الثانية ، وهذه المرة بأغراض ربحية و كروية ، مستغلا فترة الماكس التي كان يعيشها الغريم برشلونة ، نجح بيريز في التسويق لناديه بأنه منافس شرس للبارسا رغم أن البارسا كرويا ذلك الوقت كانت أفضل بمراحل من ريال مدريد ، لكن إدارة بيريز هذه المرة كانت أكثر صبرا على مشروعها ، بجلب مدرب برتغالي مجنون إستطاع وضع أساسيات هذا الجيل من اللاعبين ، فشاهدنا كريستيانو رونالدو يتحول لمهاجم قناص ، وسمعنا عن تعاقد الريال مع فتى كرواتي يقال له لوكا مودريتش ، وجلب شاب ألماني وسيم يدعى توني كروس .. شاهدنا التحول المثير في شخصية سيرجيو راموس من لاعب مفتون بشعره الأشقر الطويل إلى محارب في خط الدفاع بقصة شعر براد بيت في فيلم فيوري .. 


تمكن ريال مدريد من إحراز الرابعة عشر إذن , وجميعكم تعرفون الذي حدث بعدها .. والعبرة من كل ذلك أن المشروع الكروي يحتاج إلى صبر لا لنتائج آنية ، قد تحقق لقبا في هذا العام أو العام الذي بعده ، لكن ما الذي يضمن أنك ستبقى على القمة على الدوام ؟ اليوم أندية مثل ميلان وبرشلونة ومان يونايتد تعاني من عدم وجود مخرج مما هي فيه ، لأنها لم تكن تخطط على المدى البعيد للأسف ، في الفترة التي كان يوجد فيها أموال وكانت توجد فيها إمكانية للتغيير فضلوا التمسك بالحرس القديم من أجل موسم آخر او موسمين ، في فترة كانت فيها كل دقيقة من الموسم الرياضي تساوي سنة في المستقبل !

تعليقات